هل الدولار الامريكي فقاعة؟



أ. د. محمد ابراهيم السقا
(هذة مجموعة ملاحظات سريعة ومداخلات هامة ومفيدة للدكتور على مواضيع هامة)


الدولار الامريكي لا يعاني من فقاعة، الفقاعة معناها أن الدولار تتزايد قيمته بمرور الوقت لدرجة توحي بانفجار هذه الفقاعة ومن ثم انهيار قيمة الدولار، على العكس، الدولار يعاني من ضغوط تجذبه نحو الانخفاض وتقلل الثقة الدولية فيه كعملة العالم الاساسية لأغراض الاحتياط وأغراض التجارة، لأسباب كثيرة أهما:
1. ضعف الاداء الاقتصادي، و
2. ارتفاع عجز ميزان المدفوعات و
3. افراط الولايات المتحدة حاليا في اصدار الدولار لمواجهة ضغوط الأزمة.

المهم اذا تدهورت أوضاع الاقتصاد الامريكي وانهار معها الدولار، وهو أمر غير متوقع، وأيضا غير متصور، فإن العملات المرتبطة بالدولار سواء بصوة كلية، مثل الريال السعودي، أو بصورة جزئية مثل الدينار الكويتي، سوف تواجه انخفاضا شديدا في معدل صرفها بالنسبة لعملات العالم الأخرى غير الدولار، وستواجه موجات تضخمية عاتية كتلك التي ستشهدها أمريكا، ومن ثم لن تجد هذه الدول أمامها من خير سوى فك ارتباط عملتها بالدولار والبحث على بديل آخر لتقييم عملتها للحفاظ على قيمة عملاتها مستقرة في سوق النقد الاجنبي.


أولاً: أتمنى أن نتسلح بالعلم الصحيح الدقيق وأن نعي ما نكتب وعندما نكتب يجب أن نقرأ أولا حتى نكون خلفية عما سنكتب.

ثانياً: أنصح بقراءة كتاب في النقود والبنوك وفي الاقتصاد الدولي وفي معاهدة بريتون وودز وكتاب في التجارة الدولية، حتى تقوى خلفيته ويتعرف بصورة أكبر عما يحدث.

ثالثاً: لم يكن الدولار في أي وقت من الاوقات أكثر امانا من الذهب، أين الدليل العلمي على هذا الكلام.

رابعاً: غير صحيح علميا أن امريكا تستورد السلع وتمول الحرب مجانا، من خلال طبع الدولار، لانه ببساطة هذا الدولار المطبوع لا يلقي في البحر، هذا الدولار يعود مرة أخرى الى امريكا إما لشراء سلع أمريكية أو للاستثمار في السندات الامريكية، …الخ، وحتى لو بقي في الخارج لفترة فان مآله في النهاية العودة الى الاحتياطي الفدرالي، لا يوجد شيئ مثل هذا، الدولار الامريكي دين على الحكومة الامريكية في أي وقت، اقترح قراءة كتاب في النقود والبنوك.

خامساً: الضغوط على الدولار لم تبدأ عام 1971 كما أشير، ومنذ فترة طويلة كانت دول العالم بصفة خاصة اليابان وفرنسا تحول كل احتياطياتها الدولارية الى ذهب. عام 1971 شهد أحد أهم ازمات الدولار على الاطلاق والتي أدت في حينها فصل الدولار عن الذهب بمقتضى معاهدة اسموثونيان الاولى، وتم تخفيض قيمة الدولار بحوالي 8% لأول مرة منذ 1945. وبالمناسبة تحويل الدولار الى ذهب ليس عملية بيع وانما هي عملية تحويل لأن الولايات المتحدة في ذلك الوقت كانت ملتزمة وفقا لمعاهدة بريتون وودز بأن تحول ما يقدم اليها من دولارات بشكل تلقائي الى ذهب، وقد كان ذلك حقا لجميع دول العالم حتى 1971، انصح بقراءة كتاب عن معاهدة بريتون وودز.

سادساً: غير صحيح علميا أن الولايات المتحدة تجبر الدول المصدرة للنفط ان تبيع النفط مقابل الدولار، أمريكا لا تجبر أحد على أن يبيع سلعته بعملتها، النفط مثل أي سلعة دولية أخرى كالذهب والقمح والبن والالمونيوم والنحاس … الخ تباع بالدولار، السبب في غاية البساطة وهو أن الدولار هو عملة العالم، من أراد أن يبيع أو أن يشتري في الاسواق الدولية فانه سيستخدم العملة الدولية، أي الدولار أو غير الدولار، بما إن الدولار هو عملة العالم حاليا، فالنفط يباع بالدولار. فهل اجبرت الولايات المتحدة الدول المنتجة للقمح أو الذهب أو النحاس… الخ ان تبيع تلك السلع بالدولار.

سابعا: حل مشكلة الدولار لم يكن في أي يوم من الايام في النفط، هذا خطأ علمي، النفط سلعة تجارية، والدولار عملة دولية، والرابط بينهما ليس بهذه القوة التي يؤكد عليها المقال.

ملحوظة كلمة “بترودولار” المقصود بها ايرادات الدول النفطية من الصادرات النفطية بالدولار، ولا تعني أكثر من ذلك. أما تمكين الولايات المتحدة من شراء النفط في جميع انحاء العالم مجانا مرة أخرى.


ثامناً: غير صحيح علميا أن اقناع الدول المصدرة للنفط ببيع النفط بالدولار هو الذي انقذ الدولار من الازمة، انصح بقراءة كتاب في معاهدة بريتون وودز، وكيف تطورت الامور حتى مؤتمر جامايكا 1976.
تاسعاً: عبارة “العملة الاحتياطية العالمية في تجارة النفط” عبارة خطأ، لان استخدام الدولار كعملة احتياط معناه احتفاظ البنوك المركزية بالدولار ضمن سلة احتياطياتها للدفاع عن عملاتها أو لاستخدامات أخرى، تجارة النفط لا تتم بالدولار كعملة احتياط إذن.

عاشراً: أوروبا لم تنشئ اليور غيرة من الولايات المتحدة أو لأنها تريد قطعة من الكعكة المجانية، هذا كلام أفضل ما يمكن ان يوصف به أنه هراء، لا يوجد شيئ مجاني.

حادي عشر: أمريكا لم تقم بحملة عسكرية ضد العراق لأنه يستخدم اليورو، أو ستهاجم ايران لانها سوف تقوم نفطها باليورو، من أين لكم بهذا الكلام. سلع العالم ستباع باليورو في حالة واحدة اذا استطاع اليورو ان يحل محل الدولار كعملة للعالم، وهو أمر غير متصور إلا في المدى البعيد جدا، هذا اذا استمر اليورو في تحقيق النجاح على الارض.

ثاني عشر: غير صحيح علميا أن وقف تدهور اليورو بالنسبة للدولار كان بسبب بدء العراق بيع النفط باليورو في 2002.
العوامل المسئولة عن انخفاض الدولار بالنسبة لليورو:

1. بدءاً من هجمات سبتمبر دخل الاقتصاد الامريكي في حالة كساد طويل،
2. صاحبه سياسة خارجية غير سليمة و
3. انفاق عسكري كبير و
4. عجز في ميزان المدفوعات الامريكي، و
5. نمو في الدين العام الامريكي…الخ،
6. ثم الازمة الحالية،

هذه هي العوامل المسئولة عن انخفاض الدولار بالنسبة لليورو، انصح بقراءة كتاب في تطور الاقتصاد الامريكي بعد هجمات سبتمبر. وبالمناسبة مبيعات ايران من النفط لا تحدث هذا الاثر الهائل على سعر اليورو.

ثالث عشر: من قال أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تقبل حتى 5% من الدولارات في العالم، اعطني دولارات العالم وأنا ادخلها لك الولايات المتحدة.

رابع عشر: ماذا يعني أن هناك حل واحد فقط امام الولايات المتحدة وهو اصدار عملة جديدة بدل الدولار، لماذا تقوم الولايات المتحدة بذلك، هذا هراء علمي.


أننا احياناً نواجه كاتب يسرح بخياله ليرسم لنا صور غير واقعية عن هذا العالم، وبما أن الكثير من القراء غير متخصصين فسوف يصدقون هذا الهراء، ويأخذونه على أنه امر مسلم به خصوصا اضحوكة النفط المجاني، لا بل إن البعض يرى التحليل جيد، لأننا نكره أمريكا، ولكن كرهنا لأمريكا لا ينبغي أن يدفعنا الى ترديد أي شيء وكل شيء.


إن معظم الاحتياطيات الدولارية في العالم ليست كاش، انها أساسا أذون خزانة وسندات أمريكية، أتعرفون السبب؟ :

أولاً: لأن الاحتفاظ بهذه التريليونات من الدولارات كاش أمر غير ممكن من الناحية العملية، كما أن إجمالي الكميات المصدرة من الدولار في كل أنحاء الدنيا قبل الازمة لم يتجاوز 900 مليار دولار،

ثانياً: وبسبب سياسات التيسير الكمي Quantitative easing (أي طبع الدولار) لمواجهة ظروف الأزمة اقتربت الكميات المطبوعة حاليا من الدولار حوالي 2 تريليون والآن يعد الاحتياطي الفدرالي خطة جاهزة لسحب هذه الكميات المصدرة مرة أخرى لتلافي الآثار التضخمية لها. إذن عندما يقال ان الصين لديها 2.3 تريليون دولار، لا يعني ذلك أن الصين تمتلك هذه الاحتياطيات كاش، لانه من الناحية العملية لا يوجد أصلا هذا الرقم من الدولارات مطبوعا،

ثالثاً: هو أن البنوك المركزية تحاول الاستفادة من هذه الاحتياطيات من خلال استثمارها في الدين الأمريكي. يتبقى بعد ذلك من الدولار كميات الكاش، وكما تلاحظون أنها كميات ليست بهذه الضخامة قياسا الى الكميات المطبوعة من الدولار.


ومرة أخرى أؤكد أنه على الرغم من دوران هذه النقود في العالم فإنها لا بد وأن تعود الى الاحتياطي الفدرالي في نقطة زمنية معينة على الأقل لاستبدالها بأخرى جديدة عند اهتراءها أو تعرضها للتقادم، أو عندما يتم تغيير تصميم تلك النقود، فإن العالم يرسل الدولارات القديمة للاحتياطي الفدرالي لاستبدالها بالأوراق جديد ذات التصميم الجديد، مثلما سيحدث قريبا، حيث أن هناك تصميما جديدا لورقة المائة دولار سيظهر في الاسواق قريبا، ومن ثم سوف يقوم العالم كله بارسال وحدات المائة دولار مرة أخرى الى الاحتياطي الفدرالي لاستبدالها بالاوراق ذات التصميم الجديد. هل وضحت الفكرة لك الآن.

لا بد من شرح المقصود بالعملة الدولية، العملة الدولية هي العملة التي يتفق العالم على قبولها كعملة احتياط وكوسيط للتبادل في المعاملات الدولية أي لتسعير السلع الدولية نفط او غيره، ولشراء الاصول الدولية، ولاجراء التحويلات المالية الدولية… الخ، وهذه العملة حاليا هي الدولار، صحيح أن اليورو يكتسب بعض الارض شيئا فشيئا، ولكن تحوله الى عملة تحل محل الدولار ما زال خارج نطاق التوقعات على الاقل في الاجل المتوسط.

لم يؤد البترودولار الى بعث الروح في الدولار الامريكي كما يوحي المقال، ولم يتحول الدولار الى عملة دولية بسبب النفط، إذا كان هذا الامر صحيحا يفترض أن ينهار الدولار عندما تصل اسعار النفط الى الحضيض وتقل ايرادات الدول النفطية منه، هل حدث ذلك في أي لحظة زمنية انخفضت فيها اسعار النفط أن انهار الدولار، بالعكس، نلاحظ دائما أن ارتفاع اسعار النفط غالبا ما يصحبه انخفاض في قيمة الدولار.

ببساطة شديدة الدولار عملة العالم، من أراد أن يتعامل خارج حدوده في السوق العالمي (أي سوق النفط أو الذهب أو القمح أو….) فإنه سيكون مجبرا للتعامل بالدولار شاء أم أبى، لأن فرض بيع سلعتك بعملة أخرى غير الدولار على المشتري سوف يحمل الطرف المشتري أعباء توفير هذه العملة

ان عملية تدبير العملة أمر مكلف (Transactions cost) فضلا أن أن به مخاطر (Foreign exchange risk)، ولذلك فشلت حتى الان جهود تسعير أي سلعة دولية بغير الدولار.

مرة أخرى: إن استخدام الدولار كعملة احتياط هو استثمار الفوائض الدولارية للبنوك المركزية في اصول مالية أمريكية شبه سائلة بصفة خاصة أذون الخزانة، غير استخدام الدولار في أغراض تسوية المعاملات النفطية.


إن الادعاء بأن هناك رابط عجيب بين تحسن الدولار والنفط بعد احتلال العراق هو خطأ علمي وتاريخي أيضا، عندما تم اصدار اليورو كان سعر صرف اليورو اقل من دولار، وبلغ معدل صرف اليورو في بعض الاحيان 87 سنتا، لم يشهد الدولار تدهورا في قيمته بالنسبة لليورو سوى بعد حرب العراق وما تبعها من أحداث اوضحتها في تعليقي، حتى بلغ اليورو دولارا ونصف. أتريدين أن اطبع لك تطورات اسعار الدولار باليورو قبل وبعد حرب العراق حتى تتأكدين من عدم صحة كلامك.


الولايات المتحدة لا تستطيع في أي وقت وفي أي مكان في الولايات المتحدة أن ترفض دخول دولارا واحدا اليها، إن مجرد قيام الولايات المتحدة بالتردد في قبول الدولار في 1970 قضى على النظام النقدي الدولي الذي تم ارساؤه في 1945، لا يوجد أي رئيس للاحتياطي الفدرالي غبي يمكن ان يقدم على هذه الخطوة أي رفض قبول الدولار، ثم أن هناك فرقا بين آثار الحدث وامكانية حدوثه، فلتنهار اسعار الفائدة في امريكا أو لتبلغ معدلات التضخم عنان السماء، تلك هي عملتهم وهي دين عليهم قابل للوفاء في أي وقت ودون أي قيود.

ثم من قال ان الدولارات خارج امريكا ليست مستثمرة في النظام المالي الامريكي، لقد سبق أن اوضحت أن الاحتياطيات العالمية من الدولار مستثمرة أساسا وبالفعل في النظام المالي الامريكي، وما زلت عند كلامي اعطيني دولارات العالم المتبقية
الكاش، وهي بالمناسبة مبلغ صغير جدا قياسا الى حجم التعاملات اليومية بالدولار والتي بلغت قبل الازمة 3.2 تريليون دولار يوميا، وأنا ادخلها لك الى أمريكا.

تعليقات

  1. العاصفة الاقتصادية القادمة باتت قريبة جداً ، الاشار ة الاولى كانت في اسعار الذهب ، التي لم يعلم أي شخص اسباب هذا الهبوط ومن ثم عودتها لنفس معدل الاسعار السابق تقريباً ، فانتظروا هبوط قادم في الاسواق العالمية ، والعلم عند الله .

    ردحذف
  2. اولاً كلي تقدير لموقعكم من حيث المضمون والتصميم ، اتوجه اليكم كمندوب تسويقي من موقع مسار فوركس ، وهو موقع توصيات على العملات الاجنبية ، يغطي ايضاً اخبار يومية على العملات
    الجنبية بالاضافة لتقارير بيانية وتوقعات لحركة اسعار العملات .
    مؤخراً قمنا بانشا شريط اخباري يحتوي على اهم الاخبار الاقتصادية في الاسواق العالمية ، ونحن نقدم الان الشريط بصورة مجانية بامكانك تحميله في موقعك ،
    بالامكان الاستعانة ايضاً بفريق البرمجة في مسار فوركس ، واذا كانت لديك اي طلبات تقنية بامكانك ايضاً الاستعانة بفريقنا دون تردد .
    للاتصال adelsabet201079@yahoo.com

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مدى مسئولية المراجع الخارجي عن اكتشاف الخطأ والغش والتصرفات غير القانونية بالقوائم المالية

أدلة وقرائن الإثبات في المراجعة

الشرح المبسط لطريقة سمبلكس simplex