متى يجوز تحديد الأسعار؟

التسعير هو أن تتدخل الدولة في فرض الأسعار وفي تحديد مقدار الربح، والأصل في المعاملات في التشريع الإسلامي أن تكون حرة، أي لا يجوز للدولة أن تتدخل في إرادة المتعاقدين،
وهذا هو رأي الجمهور الذي استدل عليه بما رواه أنس، قال: غلا السعر على عهد رسول الله (ص)، فقالوا: يا رسول الله لو سعرت لنا، فقال: (إن الله هو القابض الباسط الرازق المسعر، وإني لأرجو أن ألقى الله عزوجل ولا يطلبني أحد بمظلمة ظلمتها إياه في دم ولا مال)،
وروى أبو هريرة أن رجلاً جاء إلى النبي (ص)، فقال: يا رسول الله سعر، فقال: بل أدعو، ثم جاءه رجل، فقال: يا رسول الله سعر، فقال: بل الله يخفض ويرفع، وإني لأرجو أن ألقى الله وليس لأحد عندي مظلمة).
واستدل مَن قال بعدم جواز التسعير بما روي عن عمر بن الخطاب أنه مرّ بحاطب بن بلتعة بسوق المصلى وبين يديه غرارتان فيهما زبيب، فسأله عن سعرهما، فسعر له مدين لكل درهم، فقال له عمر: قد حدثت بعير مقبلة من الطائف تحمل زبيباً، وهم يعتبرون سعرك، فإما أن ترفع السعر وإما أن تدخل زبيبك البيت فتبيعه كيف شئت، فلما رجع عمر حاسب نفسه ثم أتى حاطباً في داره، فقال: إن الذي قلت لك ليس بمعرفة مني ولا قضاء، إنما هو شيء أردت به الخير لأهل البلد، فحيث شئت فبع، وكيف شئت فبع.
وكان حاطب يبيع بسعر أقل من ثمن المثل، وكانت هناك قافلة قادمة إلى المدينة تحمل نفس السلع التي كان يبيعها حاطب، فخشي عمر أن يلحق الضرر بالقافلة لأنهم قد جلبوا السلع ليربحوا بها، فإذا باعها حاطب بأقل من سعر المثل فمعنى ذلك أنه سينافسهم وسيضطرهم للبيع بأقل من السعر الذي يجلب عليهم الربح، وهذا إضرار بهم، ولذلك أمره عمر أن يبيع بثمن المثل، ثم رجع عن كلامه، وطلب منه أن يبيع كيف شاء.
هذه الأدلة تدلنا على أنه لا يجوز لولي الأمر أن يتدخل في تحديد الأسعار، ويجب عليه أن يتركها حرة يحددها قانون العرض والطلب الذي يسير عليه التجار، كما أن هذه الروايات تؤيد مقتضى القياس الذي يقول بأن الأصل في المفاوضات هو الرضي تحقيقاً لقوله تعالى:
}إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم{ النساء/ 29.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مدى مسئولية المراجع الخارجي عن اكتشاف الخطأ والغش والتصرفات غير القانونية بالقوائم المالية

أدلة وقرائن الإثبات في المراجعة

الشرح المبسط لطريقة سمبلكس simplex