نظام ABC النشأة ، الأهمية ، إجراءات التطبيق
نظام ABC النشأة ، الأهمية ، إجراءات التطبيق
نجيب طاهر عبده الحاج محمد
بتزايد التطورات التكنولوجية واستعار حدة المنافسة بين المنظمات وتحولها من السوق المحلية إلى العمل في السوق العالمية تتزايد التحديات التي تواجهها محاسبة التكاليف ويزداد دورها أهمية ، وإزاء ذلك لم يقف المهتمون والقائمون على محاسبة التكاليف مكتوفي الأيدي بل حاولوا جهدهم تطويرها والارتقاء بها إلى المستوى الذي ينبغي أن تكون عليه في مواكبة هذه التطورات .
ويعد ظهور الكلفة على أساس النشاط (A. B. C) نقلة نوعية في مجال محاسبة التكاليف وربما كان أهم ما قدمه الفكر المحاسبي خلال العقدين الأخيرين من القرن المنصرم ، ولم يقتصر تأثير هذا التطور الهام على دقة قياس التكاليف والرقابة عليها وإمداد الإدارة بالمعلومات الدقيقة والمفصلة عن الكلف والأنشطة فحسب ، بل كان له صداه وانعكاساته على تحديث العديد من جوانب العملية الإدارية ، إذ انبثقت عنه العديد من التقنيات والأساليب الإدارية كالإدارة على أساس النشاط (A. B. M) Activity-Based Management ، وكذلك الموازنة على أساس النشاط (A. B. B) Activity-Based Budgeting .
نشأة وتطور أنظمة التكاليف على أساس الأنشطة (ABC)
للولوج إلى دراسة نظام ABC لابد من التعرض أولاً - ولو بشكل موجز - لبيئة التصنيع الحديثة ، إذ أن نظام ABC جاء أساساً لتلبية بعض احتياجات هذه البيئة ، ولذا سنكرس هذا المبحث لالقاء الضوء أولاً على بيئة التصنيع الحديثة وما طرأ من تطورات تستدعي إجراء تعديلات جوهرية في الأنظمة الإدارية والمحاسبية لمواكبة هذه التطورات ، ثم نتناول ما بات يعرف بأنظمة الكلفة التقليدية مركزين على أهم جوانب قصورها عن مواكبة تطورات البيئة الإنتاجية الحديثة وتلبية احتياجاتها ، وأخيراً نتناول ظهور أنظمة التكاليف على أساس الأنشطة ABC كأنظمة تعتمد على فلسفة تكاليفية جديدة تتلافى جوانب قصور أنظمة الكلفة التقليدية وتواكب - إلى حدٍ ما - تطورات البيئة الإنتاجية وما تفرضه من متطلبات بما يسهم في الارتقاء بمحاسبة الكلفة إلى مستوى الدور الذي ينبغي أن تقوم به في ظل هذه التطورات المتزايدة وعلى النحو الآتي:
بيئة التصنيع الحديثة New Manufacturing Environment
يردد المهتمون بالبيئة الإنتاجية مسمىً جديداً يعرف ببيئة التصنيع الحديثة ، وهو مفهوم يشير إلى (الاتجاهات المعاصرة في التصنيع) .
إن ما شهده العالم من ثورة علمية ومعلوماتية أعقبتها تغييرات كبيرة في بيئة التصنيع شملت النظم والأساليب والأدوات التصنيعية ، يعد ثورة حقيقية في البيئة الإنتاجية تستدعي ضرورة دراسة العلاقات المتشابكة بين:
1. الموقف التنافسي Competitive Situation والميزة التنافسية Competitive advantage
2. الإنتاجية ومدى كفاءتها ، والتغيير المطلوب في نمط الفكر الإداري وانعكاساته على زيادة الإنتاجية ، وتخفيض التكاليف.
3. التغير المرغوب في استخدام الأساليب العلمية المستحدثة ودورها في تقييم الأداء وتحسين الجودة ، وتخفيض التكاليف.
4. التغير الكبير في هيكل التكلفة والذي كان في فترة السبعينات موزعاً إلى 60% لتكاليف المواد والأجور و 40% للتكاليف الإضافية تقريباً ، ليصبح هيكل التكاليف في فترة التسعينات موزعاً إلى 20% للمواد والأجور و 80% للتكاليف الإضافية تقريباً.
5. تغير تكاليف الاستثمار في المخزون ، فبعد الاعتراض على فكرة رأس المال المجمد في المخزون ، اتجه الفكر الإداري نحو ما يسمى بالمخزون الصفري Zero Inventory من خلال تطبيق نظام الإنتاج في الوقت المحدد (JIT) Just-In-Time
تطورات البيئة الصناعية وانعكاساتها على الأنظمة المحاسبية
لقد بدأت معاناة البيئة الصناعية ومنظمات الأعمال منذ بداية فترة الستينات من القرن المنصرم نتيجة تضخم حجم المنشآت وما رافق ذلك من تزايد تعقيد مشاكلها بتزايد سرعة حركة دنيا الأعمال ، ناهيك عن تحولات السوق من محلية إلى عالمية الأمر الذي أوجد نوعاً من عدم التأكد وجعل عملية اتخاذ القرار والتي تعتبر عصب العملية الإدارية برمتها في مأزق كبير يستدعي ضرورة إيجاد قاعدة بيانات Data Base ونظم معلومات محاسبية متطورة ومتجددة بشكل مستمر لمساندة الوظائف الإدارية المختلفة من تخطيط ورقابة واتخاذ
قرارات .
ولقد أثرت الثورة الآلية Automation Revolution وما رافقها من تطورات في الأنظمة الإنتاجية المعتمدة على التكنولوجيا الحديثة في التصنيع بشكل كبير على هيكل تكلفة الإنتاج إلى درجة أن عنصر العمل المباشر ، والذي كان العنصر الأكثر أهمية في الماضي لم يعد يشكل سوى نسبة بسيطة لا تتجاوز في معظم الأحيان 10% من إجمالي تكاليف الإنتاج .
ومن ناحية أخرى فقد دفع ازدياد ضغط المنافسة على الصعيدين المحلي والعالمي بالمنظمات إلى اتباع سياسات إنتاجية اكثر مرونة وتنوعاً والاتجاه نحو البحث عن أسواق جديدة لمنتجاتها من خلال التوسع الجغرافي الأمر الذي يؤدي إلى تعدد فروع وأقسام الشركة الواحدة واتباع سياسة اللامركزية الإدارية مما يجعل الأنشطة الإدارية اكثر كلفة وتعقيداً ويقتضى ضرورة البحث عن وسائل رقابية وأدوات لتقييم الأداء اكثر تطوراً ودقة . وفضلاً عن ذلك فقد اتسع نطاق التعاملات التجارية والخدمات البينية داخل المنشأة ، مما يستلزم البحث عن آلية عادلة لتنظيم هذه العلاقات التكاملية والإسهام في حل ما ينجم عنها من مشاكل لاسيما تلك المتعلقة بتسعير السلع أو الخدمات المحولة من قسم إلى آخر داخل المنظمة الواحدة ، وعلى ذلك يمكن القول أن ما حدث في السنوات الأخيرة من تطورات سواء كانت تكنولوجية أو إدارية وتسويقية قد خلق العديد من التحديات والمشاكل سواء فيما يتعلق بتسعير السلع والخدمات أو ما يتعلق بتوفير المعلومات الدقيقة للأغراض الإدارية وكل تلك المشاكل مرتبطة بشكل أو بآخر بمشكلة تخصيص التكاليف غير المباشرة للمنتجات والخدمات والتي تتزايد بشكلٍ كبير.
أنظمة الكلفة التقليدية Traditional Costing System
رغم أن الكثير من المؤلفات تشير إلى أن محاسبة التكاليف نشأت كفرعٍ متخصص من فروع المحاسبة نتيجة التطورات التي رافقت الثورة الصناعية الأوربية في أواخر القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، إلا أن المؤكد تاريخياً إن هذا الفرع من فروع المحاسبة يضرب بجذوره في أعماق التاريخ حيث يذكر أن الفراعنة كانوا يتبعون أنظمة وإجراءات خاصة للنشاط الزراعي والمعماري تشبه – إلى حدٍ ما – إجراءات وأنظمة التكاليف المعروفة حالياً، كما أن قصة سيدنا يوسف (عليه السلام) تعد نوعاً من أنواع الممارسة لمحاسبة التكاليف، وهكذا يمكن القول أن محاسبة التكاليف عرفت وارتبطت بالحضارات منذ القدم ثم تطورت بتطور الحياة الإنسانية، ولقد كان للنهضة التجارية والصناعية التي شهدها القرن الرابع عشر والقرون التي تلته في بعض دول أوربا أثراً عظيماً في إرساء الأسس والقواعد العلمية لمحاسبة التكاليف، حيث شهد القرنين الخامس عشر والسادس عشر (1400-1600) ظهور الكثير من المشروعات الصناعية الصغيرة في تلك الدول مما أوجد نوعاً من المنافسة فرض على أصحاب تلك المشروعات مسك سجلات لإثبات نفقات مشروعاتهم وحصرها وتحليلها وخلال تلك الفترة ظهر ما يعرف حالياً بنظام محاسبة تكاليف الأوامر الإنتاجية، ولقد صدرت بعد ذلك العديد من الكتابات الرائدة التي تناولت هذا النظام كان أهمها كتاب بعنوان (تكلفة المصنع 1889) لمؤلفه هنري ميتكالف وهو ضابط في مدفعية الجيش الأمريكي تناول فيه نظام أوامر التشغيل بكل أركانه ومستنداته، كما عرض كيفية إعداد بطاقة بكل عملية وكل شغلة يسجل فيها العناصر بالتفصيل ورقم الأمر الإنتاجي والوقت الذي استغرقه، وبذلك أرسى ميتكالف قواعد وأسس ما يعرف حالياً بنظام محاسبة تكاليف الأوامر الإنتاجية، ورغم عدم قبول بعض المحاسبين بهذا النظام في بداية الأمر لما يتطلبه من تحليل تفصيلي وبطاقات عديدة، إلا أن هذا النظام انتشر في الولايات المتحدة الأمريكية وشاع استخدامه فيها، وفي القرن التاسع عشر ونتيجة للتطورات التكنولوجية التي طرأت على الصناعات التقليدية وظهور الصناعة ذات المراحل المتعاقبة وخاصة الصناعات الكيمياوية ظهر ما يعرف حالياً بنظام محاسبة تكاليف المراحل الإنتاجية لمحاسبة كل مرحلة على حدة ، ولقد صدرت العديد من الكتب التي تناولت هذا النظام كان أهمها كتاب أصدره المحاسب الإنكليزي (نورتن) في أواخر القرن التاسع عشر تناول فيه مشاكل التكاليف في الإنتاج المستمر للمراحل المتعاقبة وبذلك أرسى نورتن أسس وقواعد ما يعرف حالياً بنظام محاسبة تكاليف المراحل الإنتاجية ، ثم ظهر بعد ذلك نظام محاسبة تكاليف العمليات الإنتاجية ولقد توالت بعد ذلك الكتابات التي تناولت أفكار ونظريات متطورة لمحاسبة التكاليف كما اتسع نطاق تطبيق محاسبة التكاليف في الأنشطة الاقتصادية المتعددة وظهرت لذلك إطارات تنظيمية كثيرة لتكييف الأصول العلمية وتطويع الإجراءات العامة بما يجعلها تتواءم وظروف كل منشأة ، وفي إطار معالجة مشكلة تحميل التكاليف غير المباشرة صدرت العديد من الكتب أهمها كتاب (هاميلتون تشيرسن عام 1901) والذي تناول فيه ما يعرف حالياً بنظرية مراكز التكلفة والتي تعد تقدماً علمياً نحو معالجة مشكلة تحميل التكاليف غير المباشرة ، وبعد ذلك ظهرت العديد من الكتابات عن التكاليف المحددة مقدماً وتحددت نظرية المعايرة ونظام التكاليف المعيارية بناءً على دراسات (تايلور) وأفكار (أميرسون وهارسون ونوييل) وغيرهم وقد بدءوا في الكتابة عن هذا النظام في العشر سنوات الأولى من القرن العشرين وتم تطبيقه في صناعة الطباعة في أمريكا عام 1909.
وجدير بالإشارة هنا أن طبيعة النشاط الذي تمارسه الوحدة الاقتصادية هو الذي يحدد النظام الملائم لنشاطها والذي ينبغي على الوحدة الاقتصادية استخدامه ، وفيما يلي شرحاً موجزاً عن كل نظام من هذه الأنظمة :
1. نظام محاسبة تكاليف الأوامر الإنتاجية Job Order-Costing System :
يعد نظام تكاليف الأوامر الإنتاجية أحد أنظمة التكاليف المعروفة ، وهذا النظام يكون مناسباً لوحدات اقتصادية ذات طبيعة إنتاجية معينة ، وفي هذا النظام يكون هدف الكلفة هو وحدة معينة أو دفعة أو أكثر من المنتجات المميزة أو الخدمات يطلق عليها أمر إنتاجي، ويستخدم نظام الأوامر الإنتاجية في الشركات التي تنتج منتجاتها بدفعات مميزة ويكون هناك اختلافات مهمة فيما بين الدفعات كأن يكون الأمر الإنتاجي عبارة عن طلبية لتصنيع مجموعة من المنتجات حيث تعتمد مواصفات كل أمر إنتاجي على طلبات الزبائن ، ووفقاً لنظام تكاليف الأوامر الإنتاجية يتم تخصيص التكاليف لكل أمر إنتاجي ثم توزع التكاليف المخصصة لكل أمر على وحدات الأمر لاستخراج متوسط كلفة الوحدة الواحدة.
2. نظام تكاليف المراحل الإنتاجية Process-Costing System :
وفي هذا النظام يكون هدف الكلفة مجموعة كبيرة متماثلة أو نمطية من الوحدات المنتجة أو الخدمات ، وذلك مثل البنك الذي يقدم مجموعة متماثلة من الخدمات لكل الزبائن عند عملية إيداع المبالغ لدى البنك، ويستخدم نظام تكاليف المراحل الإنتاجية في الشركات التي تنتج أعداداً كبيرة من المنتجات المتجانسة أو المتماثلة حيث لا يحتاج هذا النوع من الشركات إلى تتبع الكلف لدفعات خاصة من الإنتاج ، لأن المنتجات في مختلف الدفعات تكون متجانسة ، ووفقاً لهذا النظام يتم تجميع كافة تكاليف الإنتاج لعددٍ كبير من الوحدات المنتجة ثم يتم استخراج متوسط كلفة الوحدة الواحدة من خلال قسمة إجمالي التكاليف على عدد الوحدات( )، وبناءً على ذلك يمكن القول أن نظام تكاليف المراحل الإنتاجية يهدف إلى تجميع تكاليف مجموعات كبيرة من الوحدات المنتجة باحتساب نصيبها من تكاليف كل عملية أو مرحلة إنتاجية مرت بها إلى أن أصبحت منتجات تامة ومن ثم استخراج متوسط كلفة الوحدة الواحدة .
3. نظام التكاليف على أساس العملية الإنتاجية Operation-Costing System :
وهو نظام يمزج بين خصائص نظام تكاليف الأوامر الإنتاجية ونظام تكاليف المراحل الإنتاجية ، ويستخدم هذا النظام في الشركات التي تحتوي منتجاتها على خصائص متجانسة وبعض الخصائص الأخرى الفريدة الخاصة بكل منتج ، فمثلاً في صناعة النظارات قد يكون هناك نظارة موديل ( أ ) ونظارة موديل (ب) ، وهنا توجد خصائص مشتركة وخصائص فريدة بكل منتج قد تحتاج إلى مواد إضافية أو أصباغ وغير ذلك.
1-1-2-1 جوانب قصور أنظمة الكلفة التقليدية
إن أنظمة الكلفة التقليدية تم تصميمها لعقود مضت عندما كانت معظم الشركات تتسم بمحدودية الإنتاج وكان العمل المباشر والمواد المباشرة يشكلان كلف الإنتاج الأساسية ، أما الكلف غير المباشرة فلم تكن تشكل سوى نسبة ضئيلة من إجمالي الكلف ومن ثم فإن الانحرافات الناشئة عن عدم تخصيصها بشكل ملائم لم تكن ذات أهمية ، وفضلاً عن ذلك فقد كانت تكاليف تجميع ومعالجة البيانات كبيرة جداً ، مما يجعل من الصعب تبرير استخدام طرقاً أكثر تطوراً لتخصيص الكلف غير المباشرة.
إن بيئة الإنتاج الحديثة تتسم بالإنتاج الواسع والمتنوع والاعتماد على تكنولوجيا الإنتاج الحديثة ، وتزايد أتمتة Automation العمليات الإنتاجية وانتشار استخدام الإنسان الآلي Rebotic في الأنظمة الإنتاجية وكل ذلك من شأنه أن يؤدي إلى:
1. تزايد الكلف غير المباشرة بشكل كبير نسبة إلى إجمالي كلف الإنتاج .
2. تضاؤل أهمية العمل المباشر إلى درجة انه لم يعد يشكل سوى نسبة لا تتجاوز في معظم الأحيان 10% من إجمالي كلفة الإنتاج.
وتجدر الإشارة إلى أن ضآلة نسبة عنصر العمل المباشر من إجمالي الكلفة تجعل العديد من الشركات تضمه مع الكلف غير المباشرة الصناعية على اعتبار انه جزء ضئيل لا يستحق التتبع للمنتجات ، بحيث أصبحت تصنف التكاليف إلى مواد مباشرة وتكاليف تحويل Conversion Costs تتضمن العمل المباشر والتكاليف الصناعية غير المباشرة بدلاً من التصنيف السابق في ثلاث مجموعات (مواد مباشرة ، عمل مباشر ، تكاليف صناعية غير مباشرة).
إن تطورات البيئة الإنتاجية التي أشير لبعض منها لها انعكاساتها على أنظمة التكلفة التقليدية ومقدرتها على مواكبة تطورات هذه البيئة ، فهذه الأنظمة تم تصميمها للعمل في ظل نوع خاص من بيئة القرار ونوع خاص من التكنولوجيا الإنتاجية ، وهي تقوم أساساً على افتراض أن المنتجات تستهلك جميع الموارد بحسب أحجام إنتاجها ومن ثم فهي تستخدم أسساً ترتبط بحجم الإنتاج (مثل ساعات العمل المباشر ، أو ساعات دوران المكن) لتخصيص التكاليف غير المباشرة للمنتجات ، وبرغم إن الأسس المرتبطة بحجم الإنتاج ربما تقيس بدقة الموارد التي تستهلك بنسبة عدد الوحدات المنتجة مثل المواد المباشرة والعمل المباشر ، ولكن هناك العديد من الموارد تستهلك بواسطة أنشطة لا ترتبط بالحجم المادي للمنتجات مثل الأنشطة المساندة للإنتاج التي تتضمن (إعداد المكائن للإنتاج Set Up Machine، مناولة المواد Material Hundling ، الفحص Inspection وغيرها) ، ومن ثم فإن تخصيص كلف مثل هذه الأنشطة باستخدام أسساً ترتبط بالحجم تعتبر عملية عشوائية (اعتباطية) Arbitrary.
وبشكل أكثر وضوحاً تفترض أنظمة الكلفة التقليدية أن جميع الكلف غير المباشرة تكون متناسبة مع حجم الإنتاج ، أي أنه إذا زاد حجم الإنتاج على سبيل المثال بنسبة 20% فإن الكلف غير المباشرة تزيد بنسبة 20% أيضاً ومن ثم فهي تستخدم أسساً ترتبط بحجم الإنتاج (مثل ساعات العمل المباشر أو ساعات المكننة) لتخصيص الكلف غير المباشرة ، وبالتالي فإن زيادة حجم أحد المنتجات سيؤدي إلى زيادة الكلف غير المباشرة المخصصة له كما أن انخفاض حجم أحد المنتجات سوف يؤدي إلى انخفاض الكلف غير المباشرة المخصصة له أيضاً ، ومع ذلك ، يمكن القول أن تخصيص الكلف غير المباشرة وفقاً لهذه الأنظمة قد يكون دقيقاً نسبياً ، إذا كانت معظم الكلف غير المباشرة ناشئة عن أنشطة تنفذ على مستوى الوحدة المنتجة Unit-Level Activities ، ولكن في حقيقة الأمر هناك الكثير من الكلف غير المباشرة تنشأ عن تنفيذ أنشطة على مستوى الدفعة Bach-Level Activities أو أنشطة مساندة المنتج Product-Sustaning Activities ، ومن ثم فالكلف الناشئة عن إنجاز مثل هذه الأنشطة هي كلف لا علاقة لها بحجم الإنتاج وتخصيصها على أسس ترتبط بحجم الإنتاج سيؤدي إلى عدم دقة قياس كلفة المنتج أو الخدمة، إذ أن المنتجات بأحجام عالية (والتي ترتبط بمقدار كبير من العمل والمكننة) والمنتجات بأحجام منخفضة (والتي ترتبط بمقدار قليل من العمل والمكننة) ، ربما تتطلبان نفس المقدار من هذه الأنشطة ومن ثم فإن تخصيص كلف الأنشطة التي لا تنفذ على مستوى الوحدة المنتجة بالاعتماد على أسس مرتبطة بالحجم سيؤدي إلى تحديد كلفة أكثر من اللازم Over Costed للمنتجات بأحجام عالية وتحديد كلفة اقل من اللازم Under Costed للمنتجات بأحجام منخفضة.
إن إهمال (أو تجاهل) مستويات موجهات الكلفة (Cost Driver)(*) إذا كان هناك تنوع في المنتجات أو اختلاف في الحجم ودرجة تعقيد الصنع يؤثر بشكل كبير على تحديد كلفة المنتج أو الخدمة ، إذ أن ذلك يؤدي إلى استهلاك الأنشطة والمدخلات بنسب متفاوتة ، فتعقيد المنتج على سبيل المثال ، وكذلك اختلاف حجم الوحدات المصنعة في خط الإنتاج كتصنيع الشركة للمنتجات بدفعات مختلفة الحجم من شأنه أن يؤدي إلى استهلاك الأنشطة ، وكذلك المدخلات بنسب مختلفة ، الأمر الذي يقتضى ضرورة مراعاة مستويات موجهات الكلف وتخصيص الكلف الناشئة عن استهلاك الأنشطة بالاعتماد على أسس أكثر ملائمة وفقاً لمعيار السبب – النتيجة.
متى تكون الحاجة لنظام جديد للكلفة ؟
خلال الثمانينات من القرن المنصرم بدأت تظهر وتنتشر جوانب قصور أنظمة الكلفة التقليدية بشكل واسع ، وهي أنظمة تم تصميمها –كما سبق الإشارة- للعمل في ظل نوع خاص من بيئة القرار ونوع خاص من التكنولوجيا ، حيث كانت تتسم معظم الشركات بمحدودية الإنتاج ، وكان العمل المباشر والمواد المباشرة يشكلان التكاليف الأساسية للإنتاج آنذاك ، فضلاً عن أن تكاليف تجميع البيانات ومعالجتها كانت كبيرة جداً مما يجعل من الصعب استخدام أنظمة كلفة أكثر تطوراً ، لكن تضخم حجم المنشآت وتنوع منتجاتها وتزايد اعتمادها على الآلات أدى إلى تزايد الكلف غير المباشرة وانخفاض كلفة العمل المباشر مما يجعل التوزيعات البسيطة للتكاليف غير المباشر بالاعتماد على أسس مرتبطة بحجم الإنتاج غير مقبولة لاسيما وأن تكاليف تجميع البيانات ومعالجتها لم تعد تشكل عائقاً أمام استخدام أنظمة كلفة أكثر تطوراً ، وفضلاً عن ذلك فإن المنافسة الشديدة خلال العقدين الأخيرين من القرن المنصرم جعلت اتخاذ القرارات بالاعتماد على معلومات كلفة غير دقيقة أمراً في غاية الخطورة ، إذ أصبحت دقة المعلومة تلعب دوراً حاسماً في المنافسة( ).
إن كلاً من الخاصيتين التاليتين سوف تفندان مقدرة نظام الكلفة التقليدي المعتمد على أسس ترتبط بالحجم Volume-Based Product Costing System في تخصيص الكلف غير المباشرة بدقة على المنتجات أو الخدمات أو غيرها من أهداف الكلفة …( ).
1. النسب الكبيرة للكلف غير المباشرة التي ليست على مستوى الوحدة المنتجة : إن استخدام موجه كلفة يرتبط بالوحدة المنتجة كساعات العمل المباشرة أو ساعات المكننة لن يحقق دقة كافية في تخصيص كلف الأنشطة التي ليست على مستوى الوحدة المنتجة (مثل أنشطة إعداد المكائن وتصميم المنتجات) .
2. تنوع المنتجات : حينما تتنوع المنتجات بشكل كبير فإن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى اختلاف نسب استهلاكها للأنشطة بشكلٍ كبير ، ومن ثمّ فإن استخدام موجه كلفة مفرد (وحيد) Single لن يؤدي إلى تخصيص الكلف غير المباشرة المتحققة عن استهلاك الأنشطة للموارد بشكل دقيق.
إن وجود الخاصيتين المشار إليهما أو أي خصائص أخرى مشابهة كتعقيد صنع بعض المنتجات سوف يجعل نظام الكلفة التقليدي غير قادراً على تحقيق الدقة المطلوبة في قياس كلفة المنتج أو الخدمة.
إن أنظمة الكلفة التقليدية تنظر إلى موجهات الكلف على مستوى الوحدة المنتجة فقط :
كم ساعة من زمن العمل المباشر أو من وقت الماكنة تستغرق لانتاج المنتج أو تقديم الخدمة ؟ رغم أنه في ذات الوقت الذي تنشأ فيه الكلف عن أنشطة على مستوى الوحدة ، هناك العديد من الكلف تنشأ نتيجة تنفيذ أنشطة على مستوى الدفعة أو على مستوى مساندة المنتج أو على مستوى المساندة العامة ، ولاختيار أساس التخصيص الملائم وفقاً لمعيار السبب - النتيجة ، لابد من تجميع الكلف بنفس مستوى النشاط الذي تنشأ عنه بحيث يمكن تحديد علاقة السبب-النتيجة بين الكلفة والنشاط المتسبب في حدوثها .
بعض الدلائل التي تشير إلى ضرورة إجراء تعديل في نظام الكلفة أو استبداله بنظام جديد
إن اختيار مستوى التفصيل في نظام الكلفة يخضع لمعيار مقابلة كلفة النظام بالمنافع المتحققة من استخدامه ، وتوجد العديد من الدلائل الواضحة التي تشير إلى ضرورة إجراء تعديلات في نظام الكلفة أو استبداله بنظام جديد منها:
1. أن مقاديراً مهمةً من الكلف غير المباشرة يتم تخصيصها باستخدام مجمع واحد أو عدد قليل من مجمعات الكلفة Cost Pools(*).
2. إن المنتجات تختلف طلباتها على الموارد بسبب اختلاف الحجم ، الإعداد للعمليات ، حجم الدفعة ، أو التعقيد Complexity.
3. المنتجات المعقدة تبدو بأنها مربحة أكثر ، في حين المنتجات البسيطة الصنع تبدو أقل ربحية.
4. مجموعة موظفي التشغيل لهم تعارضات مهمة مع مجموعة موظفي قسم المحاسبة حول كلفة إنتاج وتسويق المنتجات أو الخدمات.
5. إن مدراء الخطوط الإنتاجية لا يثـقون بكلفة المنتج أو الخدمة الواردة في تقرير قسم المحاسبة ، وكذلك مدراء التسويق لا يقبلون باستخدام كلفة المنتج أو الخدمة الواردة في تقرير قسم المحاسبة لاتخاذ قرارات التسعير.
6. الأرباح الحدية لخطوط الإنتاج يصعب شرحها.
7. المبيعات تزداد لكن الأرباح تنخفض .
8. مدراء الخطوط الإنتاجية يشيرون إلى أن نسبة ربحية المنتجات متدنية .
9. بعض المنتجات التي يشير التقرير إلى أن أرباحها الحدية كبيرة لا يبيعها المنافسون .
10. معدلات الكلف غير المباشرة تكون مختلفة بشكل كبير ومتزايد .
11. خطوط الإنتاج متنوعة وتنتج وحدات أحجامها الطبيعية مختلفة.
12. النسبة المئوية للعمل المباشر صغيرة بالنسبة لإجمالي الكلف.
13. المنافسون للمنتجات ذات الأحجام العالية يسعرونها بأسعار اقل بشكل غير معقول .
نشأة وتطور أنظمة الكلفة على أساس النشاط ABC
برغم ما أحدثه منهج الكلفة على أساس النشاط (ABC)
Activity Based Costing من ضجة في الأدب المحاسبي المعاصر ، إذ يكاد أن يكون الموضوع الأكثر سخونة في معظم الدراسات المحاسبية ، إلا أن العديد من الكتاب يشيرون إلى أن فكرة الكلفة على أساس النشاط ليست بالفكرة الجديدة ، فقد راودت العديد من المهتمين بالعلوم المحاسبية منذ أمد بعيد فعلى سبيل المثال :
يشير (Drury) إلى أنه في نهاية النصف الأول من القرن المنصرم تطرق بعض الكتاب بشكل أو بآخر إلى مفاهيم الكلفة على أساس النشاط ، فمثلاً تناول Goetz في إحدى كتاباته عام 1949 مفهوم الكلفة على أساس النشاط ، حيث أشار إلى أن بعض الأحجام الرئيسة ربما تختلف أي من كلفها غير المباشرة عن عدد الوحدات المنتجة في إشارة إلى أن الكلف غير المباشرة لا تتناسب مع حجم الوحدات المنتجة فقد يكون هناك كلف غير مباشرة تزيد أو تنقص بناءً على عوامل أخرى كعدد عمليات التشغيل ، ولتحقيق مستواً تخطيطياً ورقابياً افضل ينبغي أخذ ذلك الأمر في الاعتبار.
كما يشير (Johnson) إلى أن شركة General Electric ربما تكون أول شركة قامت باستخدام تقنية مشابهة لـ ABC ، إذ قدّم فريق مراقبي الشركة (في محاولة للسيطرة على الكلف غير المباشرة المتنامية بشكل كبير في الشركة) عام 1963م مقترحاً باستخدام تقنية جديدة لاحتساب الكلف تقوم على أساس أن الأنشطة هي التي تسبب الكلف.
وأياً كانت فكرة الكلفة على أساس النشاط قديمة أم حديثة فإن المهم هو أن دخولها إلى حيز التطبيق واستخدامها في جوانب إدارية مهمة كتحليل الربحية والتسعير وتطوير العمليات لم يكن إلا في نهاية الثمانينات من القرن المنصرم حيث استطاع (Cooper and Kaplan) في سلسلة من المقالات أن يجعلا أفكار الكلفة على أساس النشاط ABC مفهومة وقابلة للتطبيق ، ولقد أحدثت هذه المقالات صدىً واسعاً ونوعاً من الدعاية لتطبيق أنظمة ABC .
مفهوم الكلفة على أساس النشاط (ABC) Activity-Based Costing والافتراضات التي تقوم عليها :
رغم تباين الكتاب في إطلاق تسمية للكلفة على أساس النشاط ABC ، إذ يذهب
كبار أساتذة محاسبة الكلفة إلى تسميتها نظاماً System ، فمثلاً يعرف Horngren( )(ABC) بأنه (A System that First Accomulates….) ذلك النظام الذي يقوم أولاً بتجميع الكلف غير المباشرة لكل نشاط من أنشطة المنظمة ثم يخصص كلف الأنشطة للمنتجات أو الخدمات أو (أهداف الكلفة الأخرى) التي تسبب الأنشطة. في حين يطلق عليه آخرون مدخلاً Approach أو طريقة Method ، ويميل الباحث إلى ما ذهب إليه الفريق الأول وسيورده خلال البحث تحت تسمية نظام ABC حيث أنه ولو لم يرق إلى مستوى أن يكون نظاماً كلفوياً متكاملاً ، فبالإمكان أن يطلق عليه نظاماً فرعياً
(Sub-System) لتخصيص الكلف غير المباشرة يعمل تحت أنظمة الكلفة المتعارف عليها والتي هي في الأساس جزءً من النظام المحاسبي المتكامل للمنظمة.
إن المنطق الأساسي لنظام ABC هو : أن الأنشطة تستهلك الموارد ، وأن المنتجات تستهلك الأنشطة ، ويفترض نظام ABC أن الأنشطة هي التي تسبب الكلف وليس المنتجات ، حيث يقوم نظام ABC بتتبع الكلف إلى مراكز الأنشطة أولاً ومن ثم إلى المنتجات.
ويشير (Drury) إلى أن أنظمة ABC تفترض أن التدفقات النقدية الخارجة تكون للحصول على تجهيزات الموارد (مثل الأجور ، المواد ، المكائن) والتي تُستهلك فيما بعد بواسطة الأنشطة ، بمعنى أن الأنشطة تسبب الكلف وأن المنتجات أو الخدمات تخلق الطلب على الأنشطة .
وينشأ الارتباط بين الأنشطة والمنتجات عن طريق تخصيص كلف الأنشطة للمنتجات على أساس استهلاك المنتج الفردي أو الخدمة للنشاط أو طلبه منه ، فأنظمة ABC ببساطة تدرك (أو تؤكد) أن على المنظمات أن تفهم العوامل التي تحرك (أو توجه) Driven الأنشطة وكلفها وأن تدرك كيف ترتبط الأنشطة بالمنتجات أو الخدمات . ومن ثم فنظام ABC يقوم أولاً بتجميع الكلف غير المباشرة لكل نشاط من أنشطة المنظمة ثم يخصص كلف تلك الأنشطة للمنتجات أو الخدمات أو أي أهداف كلفة أخرى تسببت في حدوث تلك الأنشطة.
تعريف نظام ABC
عرضت المؤلفات المحاسبية العديد من التعريفات لنظام ABC منها:
عرفه (Michael Maher)بأنه النظام الذي يخصص الكلف أولاً للأنشطة ثم للمنتجات أو الخدمات على أساس استخدام كل منتج أو خدمة من الأنشطة.
وعرفه (Babab, Yair) بأنه نظام المعلومات الذي يكشف (أو يوضح) بنيه الكلفة والربحية للمنتجات أو الخدمات.
ويعرفه (Hieks) بأنه أسلوب يقوم بتحميل عناصر التكاليف غير المباشرة على الأنشطة التي تسببت في حدوث التكلفة ثم يقوم بتوزيع تكاليف الأنشطة على المنتجات التي استلزمت وجود هذه الأنشطة.
إن جميع التعريفات السابقة رغم ورودها بصيغ مختلفة لا تخرج عن كونها تصب في معنىً واحد هو أن نظام ABC يقوم أولاً بتجميع كلف الأنشطة ثم يقوم بتخصيص كلف الأنشطة للمنتجات أو الخدمات بحسب استفادتها من تلك الأنشطة .
وعلى ضوء ما سبق يستطيع الباحث أن يقدم تعريفاً لنظام ABC بأنه ذلك النظام الذي يقوم بتجميع كلف استهلاك كل نشاط من موارد المنظمة ثم يقوم بتوزيع كلفة كل نشاط للمنتجات أو الخدمات أو أي أهداف كلفة أخرى بحسب استفادتها من النشاط.
بمعنى أنه يسعى لإيجاد حلقة الوصل بين أهداف الكلفة (المنتجات ، الخدمات ، أو أي أهداف كلفة أخرى) وبين الموارد التي لا ترتبط بها مباشرةً من خلال تتبع كلف استهلاك الأنشطة للموارد وتجميعها لكل نشاط ، ثم ربط الأنشطة بأهداف الكلفة النهائية (المنتجات أو الخدمات أو أي أهداف كلفة أخرى) من خلال تخصيص كلف الأنشطة لأهداف الكلفة حسب استهلاكها أو طلبها منها.
إذاً يمكن القول بأنه وفقاً لأنظمة ABC يتم أولاً تحديد الأنشطة الرئيسة في المنشأة وبعد ذلك يتم تتبع كلف الموارد المستهلكة في سبيل إنجاز هذه الأنشطة وتجميعها تحت ما يسمى مجمعات الكلف (Cost Pools) ، ثم تخصص هذه الكلف للمنتجات باستخدام مقياس النشاط الذي يطلق عليه موجه الكلفة (Cost driver).
أن التركيز الأساسي للتغيرات في محاسبة الكلفة هو الاهتمام المتزايد بكلف الأنشطة ابتداءً بالتصميم ، الإنتاج ، البيع ، تسليم المنتج أو الخدمة. ولذا تركز أنظمة ABC على الأنشطة كأهداف كلفة رئيسة حيث تقوم أولاً باحتساب كلف الأنشطة ثم تقوم بتخصيص كلف الأنشطة لأهداف الكلفة النهائية كالمنتجات أو الخدمات بحسب استفادة كل منتج أو خدمة من الأنشطة
إن أنظمة الكلفة على أساس النشاط ABC تدرك حاجة المنظمات للحصول على فهم افضل لسلوك الكلف غير المباشرة ، ومن ثم فهي تسعى للتحقق من أسباب نشوء الكلف غير المباشرة وكيفية ارتباطها بالمنتجات أو الخدمات ،حيث تدرك أنظمة ABC بأن معظم التكاليف غير المباشرة ، هي تكاليف غير ثابتة على المدى البعيد وبالتالي فهي تحاول أن تفهم القوى التي تسبب تغيرها
.
أنظمة الكلفة التقليدية وأنظمة ABC
هناك العديد من النقاط الرئيسة التي يمكن إجمالها فيما يأتي لتوضيح أهم جوانب قصور أنظمة الكلفة التقليدية والعوامل التي تجعل أنظمة الكلفة على أساس النشاط ABC اكثر ملاءمة للعمل في البيئة الإنتاجية الحديثة.
1. إن ازدياد تعقيد الأعمال والتباين الكبير في أنواع المنتجات والخدمات ، وكذلك مجموعات الزبائن من شأنه أن يؤدي إلى تباين كبير في استهلاك موارد المنظمة مما يتطلب تتبعاً دقيقاً لاستهلاك الأنشطة المختلفة لتلك الموارد.
2. معظم رجال الإدارة يرون أن إدارة الكلف يجب أن تكون من خلال مراقبة الأنشطة بدلاً من المنتجات ، إذ أن تجميع الكلف بواسطة الأنشطة توفر المعلومات التي ربما تساعد المدراء في تخطيط ورقابة الكلف بشكل أفضل من خلال سلسلة القيمة Value Chain بدءاً بالبحث والتطوير وانتهاءً بخدمة المستهلك.
3. إن العديد من الأنشطة التي ترتبط بإنتاج المنتج أو تقديم الخدمة لا ترتبط بحجم الوحدات المنتجة أو الخدمات المقدمة ومن ثم فإن تخصيص كلفها بالاعتماد على مقاييس ترتبط بحجم الإنتاج سيشوه كلفة المنتج أو الخدمة.
4. إن ضغط المنافسة الشديدة يؤدي إلى تقليص الأرباح الحدية للمنظمات ، ومع أن المنظمات تعرف ربحها الحدي الإجمالي إلا أنها لا تعرف ربحها الحدي على مستوى المنتج أو الخدمة بشكلٍ دقيق ، فقد تكون بعض منتجاتها أو خدماتها مربحة في حين بعضها الآخر يحقق خسارة ، ولا يمكن للمنظمة معرفة أي من هذه المنتجات أو الخدمات يحقق ربحاً وأيها يحقق خسارة إلا من خلال الحصول على كلف دقيقة وبشكل مفصل.
5. إن تقنيات الإنتاج الحديثة أدت إلى تغير بنية كلفة المنتج أو الخدمة بحيث أصبحت الكلف غير المباشرة أكثر أهمية في البيئة الإنتاجية اليوم فقد أدى إحلال العمل المباشر بمعدات أوتوماتيكية إلى تزايد الكلف غير المباشرة بحيث أصبحت تزيد نسبتها عن 50% من إجمالي الكلف في العديد من المنظمات ، الأمر الذي يستلزم ضرورة قياس تلك الكلف وتخصيصها بدقة.
6. إن اتخاذ القرارات بناءً على معلومات غير دقيقة وغير مفصلة قد يؤدي إلى أن تكون القرارات خاطئة ويترتب عليها كلفاً وخسائر كبيرة ومن ثم يمكن القول أن الكلف الدقيقة تمنح المنظمة ميزة عظيمة وتجنبها الكثير من الخسائر.
7. إن تكنولوجيا الكومبيوتر خفضت كلف تطوير وتشغيل أنظمة الكلفة التي تتعقب (تتبع) العديد من الأنشطة.
8. إن بيئة التصنيع الحديثة تتطلب قياس ثلاثية (التكاليف ، الأداء ، الجودة) بالاعتماد على أساليب فنية معاصرة ومشتقة من طبيعة هذه البيئة المتسمة باعتمادها على الأوتوماتيكية Automation بشكل كبير مما يقتضي ضرورة القياس الدقيق لمفردات هذه الثلاثية.
مما تقدم يمكن القول:
آ. إن الاعتماد على المعلومات التي توفرها أنظمة الكلفة التقليدية والتي قد تحدد كلفاً أكثر من اللازم Over Costed للمنتجات بأحجام عالية وتحدد كلفة اقل من اللازم Under Costed للمنتجات بأحجام منخفضة بحيث تظهر منتجات الأحجام العالية اقل ربحية ومنتجات الأحجام المنخفضة أكثر ربحية قد يؤدي إلى اتباع المنظمة لاستراتيجية مدمرة من خلال التوسع في منتجات الأحجام المنخفضة على حساب منتجات الأحجام العالية.
ب. إن اعتماد المنظمة في تسعير منتجاتها على ما توفره أنظمة الكلفة التقليدية من معلومات قد يؤدي إلى تسعير منتجات الأحجام المنخفضة بأقل من كلفتها فتحقق المنظمة خسائر ضمنية دون أن تشعر ، ومن ناحية أخرى قد تسعر منتجات الأحجام العالية بأسعار مرتفعة مما يؤدي إلى خسارة المنظمة لحصتها في السوق أو خسارة عروضاً مهمة وعدم مقدرتها على المنافسة.
ج. إن تتبع أنظمة ABC للكلف من خلال افتراض أن الأنشطة ، هي التي تستهلك الموارد فتنشأ الكلف ، وان المنتجات أو الخدمات هي التي تستهلك الأنشطة بالاعتماد على معيار
السبب – النتيجة Cause-Effect من شأنه أن يحقق عدالة في التخصيص ويوفر معلومات عن الأنشطة التي تضيف قيمة للمنتج أو الخدمة Value Added فيتم العمل على تنميتها ، والأنشطة التي لا تضيف قيمة Non-Value Added فيتم العمل على الحد منها ومن ثم يمكن ترشيد استغلال موارد المنظمة وتخفيض الكلف.
د. إن التتبع المستمر للأنشطة من خلال أسلوب سلسلة القيمة Value Chain من شأنه أن يوفر ينبوعاً مستمر التدفق من المعلومات ابتداءً بالبحث والتطوير R and D ثم التصميم ثم الإنتاج وبعد ذلك التسويق وأخيراً خدمة ما بعد البيع Customer Service والتي من شأنها مساعدة الإدارة في التخطيط والرقابة واتخاذ القرارات والتحليل الشامل لربحية وكلف المنتجات أو الخدمات.
شكرا على الاضافة
ردحذفشكرا على الاضافة
ردحذف